سعدية مفرح
فيروس صغير، كما يقول الراسخون في علم الأحياء، لا يُرى بالعين المجرّدة، سبّب كل هذا الهلع الذي شلّ أركان الصين، ويكاد يشلّ العالم تقريباً.
في المطارات والطائرات، وكل الأماكن التي يختلط فيها الناس من بلدانٍ كثيرة، تختفي وجوه البشر خلف الكمامات التي يقول أطباء إنها لن تغني شيئاً، ولن تفيد في منع انتقال الفيروس إن أراد ذلك، لكنهم يستمرّون في التوصية بارتدائها، لعلها تفيد في تهدئة النفوس المضطربة، وتعالج الخوف الساكن فيها. حيلة نفسية وحسب، يواجه بها الأطباء والعلماء العاجزون عن مواجهة الفيروس مرضاهم المحتملين، لأنهم لا يملكون سواها.
نتحدّث عن فيروس كورونا الذي حصد حتى اللحظة أكثر من ألف، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الإصابات المسجلة في الصين وخارج الصين، منذ اكتشافه من قبل في مدينة ووهان الصينية في 13 الشهر الماضي (يناير/ كانون الثاني)، والعدد مرشّح لأن يزداد، في ظل حيرة العلماء، وعجز الأطباء أمام الانتشار السريع لهذا الفيروس الغريب، الذي ينتقل بين البشر من طريق العدوى! وعلى الرغم من إجراءات صارمة اتخذتها السلطات الصينية، منذ إعلان ظهور الفيروس، والإقرار بخطورته، والاعتراف بعدم القدرة السريعة على مواجهته، إلا أن العالم ما زال خائفاً من انتشار المرض خارج حدود مدينة ووهان التي تحوّلت إلى مدينة أشباح، لا يقطنها سوى المنتظرين لموتهم الوشيك!
ما الذي يحدث في العالم؟ أي مستقبلٍ ينتظر هذه البشرية المنشغلة عن ذاتها بمزيدٍ من الحروب والأسلحة الفتاكة والأمراض الغريبة أيضاً؟ أي نتيجة لذلك السباق المستمر ما بين البشر والطبيعة؟
دائماً كانت الكرة الأرضية مرشّحةً لمثل هذه الأمراض التي تهاجمها، فتحصد ما تحصد من سكانها، ثم تغادر تاركة الإنسان في حيرةٍ من أمره، يواجه عجزه البشري الهائل بما يستطيعه من محاولات، حتى وهو يتوصل، في النهاية، إلى المضادّات واللقاحات والعلاجات التي تقاوم هذا المرض أو ذلك. فكلما اختفى مرضٌ من على وجه الأرض بجهود الإنسان، ظهرت أمراض أخرى تتحدّى هذه الجهود، وربما كانت نتيجة جهوده نفسها، بعد أن تقلّ المناعة، ويختل التوازن البيئي الدقيق بين عناصر الحياة على هذه الأرض. والمحصلة دائماً أن السباق مستمر، والأجساد منهكة والموارد تقلّ، والأرض تضيق بما رحبت، والأسرار بما خلق الله تزداد، فتندهش العقول وتتهاوى تحت وطأة غطرستها أحياناً!
صحيحٌ أنه كان ينجح غالباً في التحدّي الذي تفرضه عليه الطبيعة، ولكنه يعرف أنه مجرّد نجاح صغير ومؤقت، فما إن تهدأ روحه قليلاً، وتسكن أنفاسه اللاهثة بعد نهاية السباق، حتى يجد نفسه في سباق آخر مع مرض جديد، أو إعصار جديد، أو بركان جديد، أو حتى ظاهرة جديدة لا يعرف ماذا يسميها. فهي بلا ذاكرة، ولا سجل سابقاً لديه. هذا يعني، ببساطة، أننا لسنا القوم الناجين في هذا الصراع المستمر، وأن اللقاح الوحيد القادر على مواجهة خطر الفناء تحت وطأة هذا النوع من التحدّيات الكونية هو إيماننا بحقنا كلنا، نحن البشر، في العيش على هذا الكوكب، وفق فرص متساوية، بغضّ النظر عن كل الاختلافات والفروق بيننا في العرق أو الجنس أو الدين أو الجغرافيا أو اللون… أو أي اختلافٍ آخر سيبدو تافهاً وثانوياً، ولا يكاد يرى بالعين المجرّدة، كفيروس كورونا، عندما نقف جميعاً في التحدي نفسه مع أي مرض غريب جديد!
نتحدّث عن فيروس كورونا الذي حصد حتى اللحظة أكثر من ألف، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الإصابات المسجلة في الصين وخارج الصين، منذ اكتشافه من قبل في مدينة ووهان الصينية في 13 الشهر الماضي (يناير/ كانون الثاني)، والعدد مرشّح لأن يزداد، في ظل حيرة العلماء، وعجز الأطباء أمام الانتشار السريع لهذا الفيروس الغريب، الذي ينتقل بين البشر من طريق العدوى! وعلى الرغم من إجراءات صارمة اتخذتها السلطات الصينية، منذ إعلان ظهور الفيروس، والإقرار بخطورته، والاعتراف بعدم القدرة السريعة على مواجهته، إلا أن العالم ما زال خائفاً من انتشار المرض خارج حدود مدينة ووهان التي تحوّلت إلى مدينة أشباح، لا يقطنها سوى المنتظرين لموتهم الوشيك!
ما الذي يحدث في العالم؟ أي مستقبلٍ ينتظر هذه البشرية المنشغلة عن ذاتها بمزيدٍ من الحروب والأسلحة الفتاكة والأمراض الغريبة أيضاً؟ أي نتيجة لذلك السباق المستمر ما بين البشر والطبيعة؟
دائماً كانت الكرة الأرضية مرشّحةً لمثل هذه الأمراض التي تهاجمها، فتحصد ما تحصد من سكانها، ثم تغادر تاركة الإنسان في حيرةٍ من أمره، يواجه عجزه البشري الهائل بما يستطيعه من محاولات، حتى وهو يتوصل، في النهاية، إلى المضادّات واللقاحات والعلاجات التي تقاوم هذا المرض أو ذلك. فكلما اختفى مرضٌ من على وجه الأرض بجهود الإنسان، ظهرت أمراض أخرى تتحدّى هذه الجهود، وربما كانت نتيجة جهوده نفسها، بعد أن تقلّ المناعة، ويختل التوازن البيئي الدقيق بين عناصر الحياة على هذه الأرض. والمحصلة دائماً أن السباق مستمر، والأجساد منهكة والموارد تقلّ، والأرض تضيق بما رحبت، والأسرار بما خلق الله تزداد، فتندهش العقول وتتهاوى تحت وطأة غطرستها أحياناً!
صحيحٌ أنه كان ينجح غالباً في التحدّي الذي تفرضه عليه الطبيعة، ولكنه يعرف أنه مجرّد نجاح صغير ومؤقت، فما إن تهدأ روحه قليلاً، وتسكن أنفاسه اللاهثة بعد نهاية السباق، حتى يجد نفسه في سباق آخر مع مرض جديد، أو إعصار جديد، أو بركان جديد، أو حتى ظاهرة جديدة لا يعرف ماذا يسميها. فهي بلا ذاكرة، ولا سجل سابقاً لديه. هذا يعني، ببساطة، أننا لسنا القوم الناجين في هذا الصراع المستمر، وأن اللقاح الوحيد القادر على مواجهة خطر الفناء تحت وطأة هذا النوع من التحدّيات الكونية هو إيماننا بحقنا كلنا، نحن البشر، في العيش على هذا الكوكب، وفق فرص متساوية، بغضّ النظر عن كل الاختلافات والفروق بيننا في العرق أو الجنس أو الدين أو الجغرافيا أو اللون… أو أي اختلافٍ آخر سيبدو تافهاً وثانوياً، ولا يكاد يرى بالعين المجرّدة، كفيروس كورونا، عندما نقف جميعاً في التحدي نفسه مع أي مرض غريب جديد!
( العربي الجديد/ 13 فبراير 2020)