حفل وسم #محمد_شحرور على موقع تويتر بتغريداتٍ متناقضة بشأن الباحث السوري الذي رحل تاركاً وراءه كتباً ومقالات ولقاءات تلفزيونية كثيرة تشي باختلافه الكبير في تفسير آيات القرآن الكريم عمّن سبقوه وعاصروه من المفسّرين والباحثين القرآنيين، على اختلافهم فيما بينهم أيضاً. والراصد لما نُشر من تغريداتٍ كتبها أصحابها فور إعلان رحيل شحرور، يكتشف ملامح معركة حاميةٍ بين طرفين متطرّفَيْن!
رحل الرجل، رحمه الله، وأصبح بين يدي رب العالمين، وأفكاره باقية في كتبه، يمكن الأخذ والرد بشأنها، على الرغم من أن معظمها، أقله بالنسبة إليّ، لا يستحقّ تضييع الوقت فيه، لفرط سطحيّته وركاكته العلمية واللغوية أيضاً. قرأتُ معظم كتبه تقريباً، وتابعت بعض مقابلاته التلفزيونية أيضاً. ونتيجة ذلك، أقول إن من الظلم لفكرة الاجتهاد الاسلامي أن يُعتبر شحرور مجتهداً أو مجدّداً، أو حتى شارحاً ومفسراً للقرآن الكريم. إنه يفتقر أي منهجية واضحة في البحث والتأليف، على الرغم من الهالة البحثية التي يحيط بها أفكاره الدينية في كتبه. وهو يفتقر إلى المعرفة اللغوية الكافية، التي كان يمكن أن تؤهله للاجتهاد من داخل النص الديني، كما فعل الباحث الراحل نصر حامد أبو زيد مثلاً. ويلاحظ القارئ الموضوعي لكتب شحرور ركاكة عربيته، وبما لا يتناسب مع بلاغة القرآن الكريم الإعجازية، ما جعله يُقدم على تفسير آياتٍ قرآنيةٍ كثيرة بخلفيته العلمية ذات الطابع الهندسي، فهو مهندسٌ في الأساس، بعيداً عن فهمه الحمولة اللغوية العالية في آيات الذكر الحكيم، وانتزاعه لها من سياقاتها التاريخية والمعروفة تفسيرياً بأسباب النزول.
غريب أن معظم المصفقين لآراء الباحث الراحل الفكرية، أقله في موقع تويتر، لم يقرأوا ما كتبه الرجل، كما بدا لي، فهم يصفقون من باب إغاظة الفريق الآخر وحسب، والدليل أنهم يعتبرونه مجدّداً وعاملاً في باب الاجتهاد الديني، وهذا مما لا يعوَّل عليه من القول، فكل آراء محمد شحرور في التفسير القرآني لا تدخل في باب الاجتهاد الديني، ولا يمكن الأخذ بها جدّياً، فهي لا تصمد أمام أي معرفةٍ لغويةٍ حقيقيةٍ بالعربية على الأقل.
ولعل من أخطر ما ارتكبه شحرور بحق التفكير المنطقي، أنه اعتمد في تفسيراته الجديدة على معرفته المرتبكة بمعجمية اللغة العربية، فكان يعتسف معاني المفردات اعتسافاً لتناسب تصوراته العشوائية في تفسير الآيات القرآنية، وهذا على عكس ما فعله ويفعله معظم المجتهدين الحقيقيين في التفسير القرآني، بغضّ النظر عن توجهاتهم الفكرية وخلفياتهم العقدية.
المضحك المبكي في وسم #محمد_شحرور، أن هناك من يعتبره تنويرياً محارباً للتطرّف والتكفير، على الرغم من أن من يقرأ مؤلفاته بموضوعية وجدّية، وبلا أحكامٍ مسبقةٍ، يكتشف بسهولة أن أفكار شحرور نفسها يمكن اتخاذها وسيلةً لتشجيع التكفير والتطرّف بطريقة غير مباشرة. فهو من خلالها ينفي الآخر المختلف عنه، ويُقصيه، حتى لا نقول إنه يكفّره على طريقته الخاصة. أما من اعتبر شروحات شحرور للآيات الكريمة تقدّميةً تناسب العصر الذي نحن فيه، باعتبار أن الذكر الحكيم صالح لكل زمان ومكان، فقد ناقض اعتباره كما ناقض أفكار شحرور نفسها، حيث جمد الفهم القرآني في الزمن الذي نعيشه الآن، وحسب. ورفض الفريق الآخر أي تساهل مع أطروحاته، بل بلغ به الأمر أن رفض فكرة الترحّم عليه، باعتباره “كافراً وزنديقاً”، بعيداً عن فكرة رحمة الله التي وسعت كل شيء.
وهكذا انقسمت آراء معظم من كتب عن محمد شحرور، إثر رحيله، في فسطاطيْن: آراء يعظّم أصحابها شأنه، باعتباره الرجل الذي جاء ليجدّد الدين الإسلامي، وأخرى يراه أصحابها كافراً لا يستحقّ حتى فرصة الدخول في رحمة الله. فهل كان شحرور، وفقاً لتعبير أنيس منصور، مفترياً أم مفترىً عليه؟
غريب أن معظم المصفقين لآراء الباحث الراحل الفكرية، أقله في موقع تويتر، لم يقرأوا ما كتبه الرجل، كما بدا لي، فهم يصفقون من باب إغاظة الفريق الآخر وحسب، والدليل أنهم يعتبرونه مجدّداً وعاملاً في باب الاجتهاد الديني، وهذا مما لا يعوَّل عليه من القول، فكل آراء محمد شحرور في التفسير القرآني لا تدخل في باب الاجتهاد الديني، ولا يمكن الأخذ بها جدّياً، فهي لا تصمد أمام أي معرفةٍ لغويةٍ حقيقيةٍ بالعربية على الأقل.
ولعل من أخطر ما ارتكبه شحرور بحق التفكير المنطقي، أنه اعتمد في تفسيراته الجديدة على معرفته المرتبكة بمعجمية اللغة العربية، فكان يعتسف معاني المفردات اعتسافاً لتناسب تصوراته العشوائية في تفسير الآيات القرآنية، وهذا على عكس ما فعله ويفعله معظم المجتهدين الحقيقيين في التفسير القرآني، بغضّ النظر عن توجهاتهم الفكرية وخلفياتهم العقدية.
المضحك المبكي في وسم #محمد_شحرور، أن هناك من يعتبره تنويرياً محارباً للتطرّف والتكفير، على الرغم من أن من يقرأ مؤلفاته بموضوعية وجدّية، وبلا أحكامٍ مسبقةٍ، يكتشف بسهولة أن أفكار شحرور نفسها يمكن اتخاذها وسيلةً لتشجيع التكفير والتطرّف بطريقة غير مباشرة. فهو من خلالها ينفي الآخر المختلف عنه، ويُقصيه، حتى لا نقول إنه يكفّره على طريقته الخاصة. أما من اعتبر شروحات شحرور للآيات الكريمة تقدّميةً تناسب العصر الذي نحن فيه، باعتبار أن الذكر الحكيم صالح لكل زمان ومكان، فقد ناقض اعتباره كما ناقض أفكار شحرور نفسها، حيث جمد الفهم القرآني في الزمن الذي نعيشه الآن، وحسب. ورفض الفريق الآخر أي تساهل مع أطروحاته، بل بلغ به الأمر أن رفض فكرة الترحّم عليه، باعتباره “كافراً وزنديقاً”، بعيداً عن فكرة رحمة الله التي وسعت كل شيء.
وهكذا انقسمت آراء معظم من كتب عن محمد شحرور، إثر رحيله، في فسطاطيْن: آراء يعظّم أصحابها شأنه، باعتباره الرجل الذي جاء ليجدّد الدين الإسلامي، وأخرى يراه أصحابها كافراً لا يستحقّ حتى فرصة الدخول في رحمة الله. فهل كان شحرور، وفقاً لتعبير أنيس منصور، مفترياً أم مفترىً عليه؟
(العربي الجديد/ 2 يناير 2020)