أحمد ناصر السميط
توطئة
الحياة رحلة قصيرة جداً لا تفي بالغرض للنفوس التواقة المحبة والعاشقة للحياة، ومن شأن الحياة أن تكون مهما امتدت بالإنسان أن تنتهي دون موعد مسبق، ولو علم الناس ساعتهم لاصبحت الحياة غير الحياة التي نعرف، وهذه سنتها تعيش بها لا تعرف متى تنتهي قصتك القصيرة، ولا تعرف كيف سوف تكون تلك النهاية، وعزاؤنا الوحيد أن الذاكرة البشرية قادرة على أن تستوعب أولئك الذين رحلوا فتخلدهم وتبقيهم إلى أن تجري سنتها على الذين اتقدت ذاكرتهم بذكراهم، فيصبح المتذكر هو الذكرى، وتغدو الأيام بحلوها ومرها، وكلنا أمل أن نرحل كفافاً لا لنا ولا علينا.
((١))
الرحلة والرحيل سنة بشرية خالدة، ومن فطرة الناس أنهم يرحلون، والبقاء والسكون والركود عادات تطرأ ولا تدوم، ومنذ فجر الخليقة نجد أن فكرة الرحيل من صميم الأفكار الراسخة في وجدان البشر، واختلاف صورة الرحلة من دنيوية أو أخروية لا يغير شيء، فالناس يدركون بتلقائية أن هناك نقطة يفترق عليها الناس لا محالة قادمة، لذلك قدس الإنسان من أمر الرحيل والترحال واعتنى به فأصبحت رحلته الدنوية أدباً وفناً يروى ويكتب، واقترن مع رحلته الأخروية العديد من الطقوس التي شرعت بعضها بالدين، وفرضت بعضها العادات، فالغياب المحتوم أمر ذا قيمة عظيمة عند الإنسان.
((٢))
لا تخلو سيرة أحد منا من قصة الرحيل بمختلف صورها، الأحباب لا محالة راحلين، كلمة صادمة، ولكنها حقيقة ماثلة، والحقيقة المقابلة أن زمان يأتي و نألف هذا الرحيل، و السعيد من أوفى عهده مع من اجتمع معهم في حياته، وقمة السعادة أن تكون رحلتهم تلك سبباً في تخليد ذكراهم، و الإنسان لا يكف يخترع سبل التخليد و يبدعها، لا يعجزه شيء عن هذا السلوك الفطري العظيم (الذكرى) والإنسان طالما قُدر له أن يعبر عن ذكرياته فلن يدخر وسيلة لذلك سواء كان التعبير نقش أو خط أو صورة فكلها تعبر وكلها تصنع له معنى الوفاء الذي يريد.
((٣))
في نهاية المطاف الرحيل كتاب سوف تقرأ منه يوماً أو يقرأ عليك، فاستعد لذلك اليوم واصنع لنفسك ما ترضى أن تذكر به، وقدم ليومك ما تسر أن تراه في غدك، وأعمل للناس ما تحب أن يعمله لك الناس، واجتنب أن تسوف أو تؤجل ما أنت قادر عليه، و أعزم في يومك وليلك أن تصنع حياة أجمل، وعش لنفسك ومن تحب، ولا يغريك متنطع أو متصنع، الحياة بها من الجمال ما تود أن تكون أنت فيه أحد أولئك الذين يصنعونه لا يتبعونه، ويعيشونه لا أن يعيشون لأجله، أنت يومك وأنت عمرك فأنظر ماذا تصنع.
ودمتم بود
الرحيل كتاب سوف تقرأ منه يوماً أو يقرأ عليك، فاستعد لذلك اليوم واصنع لنفسك ما ترضى أن تذكر به، وقدم ليومك ما تسر أن تراه في غدك، وأعمل للناس ما تحب أن يعمله لك الناس،
👌🏻👌🏻