أحمد ناصر السميط/
الكريم شانتي عبارة عن طبقة توضع أعلى الأطعمة و الاشربة، هذه الطبقة اصطلح البعض على اطلاقها على النخبة التي ترتقي ذروة هرم المجتمع، ولعل التصنيفات الخاصة بوصف النخبة أمر محل خلاف ولكن بصورة عامة تعتبر طبقة التكنوقراط والساسة ورموز الإعلام والفعاليات الاجتماعية والمثقفين من أبرز تلك الفئات النخبوية، ولكن لاشك أن قدرة المثقفين بما يحتويه هذا التصنيف من دلالة هم الأقدر على رسم قدرة المجتمع الفكرية، وإشاعة الوعي المطلوب، وهو تحدي يقع على عاتق العشرات من الأكاديميين والأدباء والباحثين وأمثالهم، ولكن تظهر لنا مشكلة في هذا المشهد وهو عبارة عن عدم أهلية بعض المنتسبين لهذه الفئة للقيام بدورهم المطلوب، وعليه تترتب لدينا العديد من قضايا التحيز والأحادية والتصنيف باسم الرأي العلمي والمنهج البحثي وهكذا.
في محاضرة منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي تحدث أحد الأكاديميين عن مضمون أطروحته لنيل إجازة الدكتوراة والتي تتحدث عن أحد أهم التيارات في المنطقة العربية، والمتحدث بصفته منتمي لهذا التيار قدم المحاضرة على نمط حصة التثقيف الحزبي، ولم أشهد أي حضور للمنطق العلمي والأكاديمي في الحديث عن هذا التيار، فهو – التيار- لا يملك سوى الإنجازات وحتى أعماله الفاشله ماهي إلا مناورات، في هذه المحاضرة لم أرى أي نقد وأي تفسير اجتماعي أو منطقي كحد أدنى لسلوك التيار التي اختلفت توجهاته مرات عديدة ولمبررات مختلف! هذا المشهد يختصر لنا صورة سلبية لأصحاب الإجازات العلمية الذين يحاولون توظيف حضورهم الأكاديمي والثقة الجماهيرية في سبيل التكسب الشخصي أو الحزبي مثلاً، ولكنهم بعيدين كل البعد عن المساهمة في بناء الوعي الاجتماعي المطلوب.
أن واقع الحال اليوم يشهد العديد من علامات الحراك الثقافي بشكل عام، ولكن المدقق والمعاين يقدر أن هذا المشهد تعوزه الكثير من العناصر التي تساهم في تقويمه وتطويره، ولعل أبرز الملاحظات على هذا المشهد أن طبقة الكريما غير مختلطه فيه إلا على مضض، وتكاد تكون مفصولة جداً عن المشهد الفعلي، وعلى الخط الآخر تجد ممن يصنفون أنهم علية المشهد العلمي والثقافي شديدي النقد لهذا الواقع دون أي حركة حقيقية تجاهه أو خلاله، والنتيجة نخبة معزولة لمجتمع نشط تقودنا نحو فقدان الرؤية فلا تجد أحد يستطيع أن يجزم بما يريد!
في نهاية المطاف يجب التأكيد أن قيمة التمايز بين التخصصات ومراكز العمل أمر واقع وجب التعايش معه، ولكن التحدي يقع في إطار قدرة النخبة في التأثير على الواقع لأننا بتنا نلاحظ أن الأمر بات مرتهن لمشهور لايملك قدرة علمية حقيقية، أو اجتهادات مهتم لايملك إرشاداً متفهماً لمطالبه، وهذه الصورة كلها تجسد حجم الأزمة التي تعيشها النخبة العاجزة عن ممارسة دورها الفعلي في البناء الثقافي والفكري القائم على ممارسة النقد الفعال، وتقديم أنشطة في إطار واع وجاد، وعليه هل تشعر النخبة بأهمية وجودها تجاه عموم المجتمع؟ وهل يدرك المجتمع الفرق بين تلك النخبة ومجاميع الفاعلين في الصخب الإعلامي؟ تساؤلات ملحة يجدر الإجابة عنها.
ودمتم بود
مقال أكثر من رائع عكس فكر منظم ورؤية واضحة للكاتب أعجبني جدا تطرقه لمشكلة قائمة وبدأيلمسها العديد من المراقبين للوضع بالتحديد الجملة (( مشكلة في هذا المشهد وهو عبارة عن عدم أهلية بعض المنتسبين لهذه الفئة للقيام بدورهم المطلوب )) ولكننا دوما نقول …. الامل مستمر وسيستمر ….
مقال رائع. دوام التميز والعطاء الاخ الفاضل أحمد.