صانع البهجة

3 مايو 2018

على سبيل الاحتفاء باسم الفنان الكويتي الراحل، عبد الحسين عبد الرضا، أصدرت مؤسسة الحي الثقافي في قطر (كتارا)، كتاب “صانع البهجة”، دشّنت به دار كتارا للنشر التي افتُتحت مؤخرا. وفي هذا الكتاب الذي شرفت بإعداده وتحريره وكتابة مقدمته واختيار عنوانه، حاولنا أن نبدأ مشروعاً مستمراً في دراسة المسيرة الإبداعية للفنان الراحل، وتوثيقها علمياً وأكاديمياً، من كل جوانبها، فكانت البداية بسبع أوراق أكاديمية، ترتبت تباعا، وفقا لاعتباراتٍ فنية بحتة، تعاون على كتابتها سبعة من الباحثين الكويتيينالمتخصصين في المسرح والتلفزيون والموسيقى والتأريخ الفني والإعلام، حاولوا، كلّ على حدة، تناول الفيض الإبداعي الكبير للفنان الراحل، من مختلف جوانبه، وعلى كل صعده الممكنة.

ففي ورقته “الإنسان والمجتمع في مسرح عبد الحسين عبد الرضا”، خلص خالد عبد اللطيف رمضان إلى أن عبد الحسين عبد الرضا الكاتب شغف بالقضايا الاجتماعية عموما، والأسرية خصوصا، مع انحيازه الواضح للإنسان المهمش والمستغل من الطبقات الثرية في المجتمع.
‏وسعى فيصل القحطاني، في ورقته عن “أزمة النص الدرامي وتجليات الحلول الإبداعية عند عبد الحسين عبد الرضا”، إلى فك الاشتباك الموجود عند كثيرين ممن يخلطون بين المسرح والدراما الكويتية ما قبل عام 1990، سنة الغزو العراقي للكويت، والفترة التي تلتها، فالاشتغالات المسرحية التي سبقت فترة الغزو، كما رأى الباحث، هي محاولات لإيجاد مسرح لديه قدرة على ترسيخ الهويات الخاصة؛ الكويتية والخليجية، والعامة؛ العربية والإسلامية.
‏واتخذ سليمان آرتي من الفنان الراحل نموذجا لدراسة ظاهرة النجم الواحد في المسرح، حيث خلص إلى أن ظاهرة النجم في مسرح عبد الحسين عبد الرضا فريدة، والأولى من نوعها محليا وإقليميا. ورأى أن عبد الحسين تصدّى لعملية التحولات الاجتماعية الكبيرة لكويت ما بعد النفط، على مستوى الكتابة والتمثيل، فكان نبض أمته ومرآة لعصره، حيث تمتع بروح الجماعة. فعلى الرغم من تميزه الواضح على خشبة المسرح، إلا أنه حرص، بمشاركة كوكبة من زملائه النجوم، بمساحةٍ حواريةٍ وحضور مشابه.
‏وخلص علي العنزي، في ورقته “جدلية النظرية والممارسة عند عبد الحسين عبد الرضا”، إلى أن الفنان الراحل درج على اعتبار المسرح واحة حريةٍ، وسعى من خلاله إلى تشكيل خصوصية خليجية متوهجة، مقدما إسهاماتٍ فنيةً خليجيةً جليلة، في الوقت الذي تاه فيه مسرح التأصيل بين الادعاءات الكونية والانتماءات الحزبية. وتناول حمد الهباد موضوع الكوميديا الغنائية في دولة الكويت، متخذا مما قدمه الفنان الراحل نموذجا، باعتباره، كما رأى، أحد أهم الذين أثروا المكتبة الصوتية في الإذاعة والتلفزيون بعدد كبير من الأعمال الكوميدية الغنائية.

‏ورسم نبيل الفيلكاوي في ورقته “عبد الحسين عبد الرضا.. المؤسس صانع الفن”، ملامح الفنان الراحل، بصفته نجما بحجم حركة فنية متكاملة ومتوهجة. ولذلك سوف يبقى، كما قال، من أعلام الكويت، وقامةً فنيةً سيذكرها التاريخ على مر أجيال وأجيال. وتتبع أحمد ناصر في الكتاب علاقة الفنان الراحل بالصحافة الكويتية والخليجية والعربية، بعد أن رصد بداية الصحافة في الكويت وتاريخها، وبين مدى تأثيرها وانتشارها في دولة الكويت والدول العربية المجاورة أو البعيدة.
‏وفي ختام الكتاب، حرصنا على توثيق حياة الفنان الراحل، من خلال كتابة سيرته الذاتية الموجزة، بالإضافة إلى كشاف علمي مفهرس، أعده الباحثان صالح الغريب وعبد المحسن الشمري، ولعله أوفى وأكمل كشاف تناول كل أعمال عبد الحسين عبد الرضا، احتوى على أعمالٍ لم يرد ذكرها في ما كُتب عنه سابقا.
‏وسيبقى كتاب “صانع البهجة” مجرد محاولةٍ يُؤمل أن تشجع كثيرين على النبش في تراث عبد الحسين عبد الرضا الإبداعي الثرّ، دراسةً وبحثا ورصدا وتوثيقا، ذلك أن فنه باقٍ، والكلمات التي تكتب عنه لن تنفد.

عن Saadiah

شاهد أيضاً

لوحة للفنان أسعد عرابي

هل سأنجو هذه المرّة أيضاً؟

سعدية مفرح/ تنقذني الكتابة، ولو مؤقتاً، من الغرق في لجة الكآبة ومجاهيل الاكتئاب. فمنذ أن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *