انطباعات
عائشة صيام
من كل هذي الريح اخترت عاصفة هزمت لأسكنها.. من كل هذا الكون اخترت عاطفة مازلت أهزمها .. لتسكني.”.
بهذا الاقتحام الشعري اللين، تفتح الشاعرة سعدية مفرح ديوانها الأول .. (آخر الحالمين كان) أما وعينا.. وكأنها، إما تحذر من محاولة التنقيب لاكتشاف المزيد من نتائج هذا الاقتحام الذي ارتضت ـ طوعاً ـ أن تعلنه .. “هزيمة” ..، أو أنها أرادت أن تخفف وطء ماراثون الوعي عبر مسافة (ثلاث وثلاثين) إضاءة بتكثيف لفظي ومعنوي متقن.
كتاب معظم قصائد الديوان في 88-1989، وقليل منها في بداية 1990.. أما قصيدة “عندما يتكلم الطير” فالشاعر يعتبرها ـ رغم أنها تدخل ضمن البدايات 1987 ـ من القصائد الناضجة، ومن أوائل قصائدها التي نشرت، ومما يميزها التوظيف الصحيح للموروث الشعبي في القصيدة العربية الفصحى.
ثم تكللت نشوة سعدية مفرح بولادة ديوانها ـ الذي طبع أولاً عام 1990، وثانياً عام 1992، حيث صدر عن دار سعاد الصباح. تكللت هذه النشوة بالفوز به بجائزة إبداع الشباب العربي الاولى والتي تقدمها مؤسسة سعاد الصباح.
عن هذا الفوز، تقول الشاعرة سعدية مفرح: على الصعيد العام، فرحت كثيراً حيث تمثل الجائزة نوعاً من الاهتمام الذي ينبغي أن يحظى به أدب الشباب في منطقة الخليج بالذات، فنحن من الخليج، ينظر إلينا دائماً على أننا نقف على هامش الثقافة العربية، وحتى عندما يفوز أحدنا بجائزة معينة، تكون هذه الجائزة من بلده مما يضفي على المسألة الكثير من ظلال الشك وعدم المصداقية. كذلك كان فرحي لسبب آخر هو أنها أول جائزة من جوائز الإبداع الفكري والشعري يفوز بها شاعر خليجي، وأن تفوز بها ـ بالذات ـ امرأة. الجائزة ـ باختصار ـ تمثل إبداعاً إضافياً للشعر، كما أنها تمثل اعترافاً بالجيل الذي أنتمي إليه.
سعدية مفرح .. خريجة جامعة الكويت ـ كلية الآداب ـ قسم لغة عربية وتربية 1988ـ ورئيسة القسم الثقافي بجريدة (الوطن)، ومديرة تحرير “أزهار الوطن” في نفس الجريدة.. حين سألت عن تجربة العمل الصحفي وعلاقته بالإبداع الشعري وبالفوز بالجائزة .. أجابت: منذ دراستي في المرحلة الثانوية ولي مشاركة وارتباط بالنشاط الصحفي المدرسي، ثم جربت العمل الصحفي بانضمامي إلى أسرة تحرير (آفاق) الجامعية، ولكن رغم هذا لم أعد نفسي لأكون صحفية فيما بعد، بل كنت أتهيأ للعمل بالتدريس … إنما وبتشجيع من أستاذي الدكتور أحمد الربعي، دخلت جو العمل الصحفي الحقيقي، فلم أستطع تركه بعد ذلك.
أما بخصوص علاقة الصحافة بالعمل الإبداعي وبفوزي بالجائزة، فأنا أرى ـ أولاً ـ أن الشهرة ليست هي أحد معايير الفوز بالجائزة لدى لجنة التحكيم، وثانياً ـ أنا لست بهذه الشهرة المدوية، ولكنها شبه شهرة، وهي لا تتعدى بأي حال من الأحوال منطقة الخليج، في حين أن الهيئة المصرية للكتاب تابعة لوزارة الثقافة المصرية، ومعظم الفائزين في الأعوام السابقة لم تربطهم بالصحافة علاقة، ولم يكونوا معروفين إعلامياً، وهذا ليس دافعاً بالجائزة بقدر ما يشكل ثقة بما أكتب وعن ربطها لموضوعي .. “الأدب النسائي”، وفوزها ـ كامرأة شاعرة ـ بجائزة إبداع أدبية .. قالت:
اعترف أن المسألة لا تخلو من هذا السؤال، وأنا أعتقد أنه جزء من الميراث أو التركة التي ورثتها ممن سبقتها، النظر بدوينة إلى كل نتاج نسائي، سواء على صعيد الأدب أو غيره .. لا يوجد من يسأل رجل الأدب عما يكتبه كأدب للرجال، فالأدب نتيجة فكر إنساني عام، وهو ليس قاصراً على الرجال، والمرأة ليست قاصرة على أن تكون مبدعة حقيقية أما التفوق الواضح لما يكتبه الرجال على ما تكتبه النساء، فهو عائد لأسباب تاريخية وإعلامية واجتماعية لا علاقة لها بوعي المرأة أو موهبتها الرجل أتاحت له الظروف التعلم قبل المرأة بفترة طويلة، والمرأة غير مسئولة عن ذلك بتانا.
سؤال آخر أخير كان لابد منه كذلك، عن المعنى المستقبلي لجائزة إبداعية في مسيرة شاعرة أجابت:
بالتأكيد أن للجائزة الدور المحفز الأول نحو المزيد من العطاء الشعري لدى مجموعة جديدة تحمل عنوان “تغيب فأسرج خيل ظنوني”، وهي صغيرة بالحجم .. أتناول فيها تجربتي الشعرية في الفقد أو الغياب، وليست مستعجلة على طبعها في الوقت الحالي.
اليوم (السعودية) 28 أكتوبر 1993