شكراً.. شكراً

شكرا للخيانات الصغيرة في حياتي، فقد أهدتني بضع قصائد كبيرة وقليلاً من الندوب التي لا يراها الآخرون، وحزناً لا يصنف في خانة الأحزان القاتلة..وأمل.

 

شكراً لأي سوء فهم تعرضت له من قبل الآخرين في الكتابة أو الكلام، فقد أهداني طريقة أخرى للكتابة والكلام.. وأقترح علي المزيد من طرق التعامل مع الأخرين.

 

شكراً لكل من غاب فجأة من حياتي لأي سبب من الأسباب، برغبته أو رغما عنه، ممن كنت أظن أن غيابه سيقتلني، فقد أثبت أن وجوده مجرد وجود عابر في حياتي.

 

شكراً لكل من عرض علي مشاكله عندما كان محتاجا لعرضها على أحد، وأعرض عن سماع مشاكلي عندما كنت محتاجة للشكوى. فقد حماني من البوح بأسراري في لحظات ضعفي. انه يستحق الشكر بشكل مضاعف.

 

شكرا لكل نصحني لغرض في نفسه نصيحة حق أراد بها باطلا، فغالبا كنت أستفيد من الحق وأعرض عن الباطل فيها.

 

شكراً لكل الطارئين والعابرين، فلم أكن لأطيق بقاءهم طويلاً بجانبي. شكرا لأنهم طرأوا ولأنهم عبروا الى الضفاف الأخرى.. يبدون أجمل وأفضل بالنسبة لي وهم هناك. وأنا كذلك أبدو أجمل وأفضل.

 

شكراً لكل من رفض تقديم مساعدة طلبتها منه يوم ماً، فقد حررني من الشعور بأنني مدينة له، وخلصني من انتظار فرصة رد الدين ، وخلصني من حالات أرق ليلية لا بد أنني سأعاني منها.

 

شكراً لكل حالات الاكتئاب التي مررت بها طوال عمري، فبعد شفائي منها كل مرة أكتشف ان الحياة لذيذة، وأنها تستحق أن نجاهد في سبيلها لنستمر في الاستمتاع بكل تفاصيلها.. تضاعفت لذائذي بعدد حالات اكتئابي ‎.

 

شكراً لكل وعكة صحية ألمَّت بي، ففي حالات المرض وحدها تقريبا أقبل على الكتابة بمتعة لا تضاهيها متعة كتابية في الظروف الأخرى. بالكلمات أستقوي على الأوجاع ، وبالأوجاع أستدرج الكلمات.

 

شكراً لكل من حفر حفرةً في طريقي، فقد علمني كيف انتبه جيدا وأنا اتابع سيري بعد ذلك، بعدد الحفر التي وجدتها أمامي وازداد حرصي، وسلمت من الوقوع في الأشراك المعدة سلفا.

 

شكراً لكل من ظلمني، فقد أهداني وسادة مريحة لا يعرف متعة النوم عليها إلا المظلومين.

 

شكرا لكل من ظلمني مرة أخرى، فقد جعلني أراجع ما قمت وأقوم به مرات ومرات لعلي أكتشف السر في ظلمه لي ، فاكتشفت أشياء أخرى كانت غائبة عني ولم أكن لأفكر في البحث عنها.

 

شكرا لكل الذين ماتوا وكنت أعتبرهم الأغلى في حياتي، فقد جعلوا الموت جميلا جدا في عينيّ ..فقط ليليق بهم.

 

(القبس/11 يونيو 2012)

عن Saadiah

شاهد أيضاً

لوحة للفنان أسعد عرابي

هل سأنجو هذه المرّة أيضاً؟

سعدية مفرح/ تنقذني الكتابة، ولو مؤقتاً، من الغرق في لجة الكآبة ومجاهيل الاكتئاب. فمنذ أن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *