الرئيسية / مقالات سعدية مفرح / مقص الرقيب: حكاية من معرض الكويت

مقص الرقيب: حكاية من معرض الكويت

إلى أين ستودي بنا معارك الرقابة على الكتب؟

سؤال مستل من بين أجنحة معرض الكتاب العربي في الكويت والذي يواصل فعالياته هذه الايام في نسخته الرابعة والثلاثين. وهو سؤال من دون إجابة واضحة، ففي كل عام تقريبا تتزايد الممنوعات من العناوين في هذا المعرض تحديدا ، فيزيد الاحباط لدى نوع معين من القراء الذين كانوا ينتظرون المعرض حولياً ليتزودوا بزاد العام من الكتب.

والاحباط له أسبابه التي لا تخرج عن إطار الممنوعات . فالجميع يشيد بحسن التنظيم والإدارة والتوقيت وغيرها من أمور لا يستقيم معرض ناجح من دونها ، لكنها لا تكفي لإنجاح المعرض..والشهود هم أولئك المحبطون مما يمنع عاما بعد عام.

معرض الكتاب العربي في الكويت هو ثاني اقدم معرض عربي للكتب على الإطلاق بعد معرض القاهرة ، وأول معرض في المنطقة الخليجية بأسرها ، ومنذ نشأته الى ما قبل عقد من الزمان كان الكثيرون يشيرون اليه باعتباره احد اهم المعارض العربية من حيث حجم المعروضات ومستواها وسقف الحرية الذي يتمتع به .لكنه تحول خلال السنوات الاخيرة تدريجيا الى مجرد سوق واسعة لبيع الكتب ..وأي كتب؟!.

انها تلك الكتب التي لا تخرج عن طاعة السيد الرقيب ، ولا تجرح أحاسيسه المرهفة، اما الكتب التي تشذ عن القاعدة الرقابية فلا بد لها من مقص ..ويبدو ان مقص الرقيب ، مثل أي مقص ، لا يشبع، ففي كل عام يلتهم الكثير من العناوين ثم يقف عند باب المعرض متلمضا :” هل من مزيد”؟.

قبل أيام حمل عدد من المثقفين الكويتيين مقصات أحضروها من بيوتهم، ووقفوا أمام البوابة الرئيسية للمعرض يمارسون احتجاجهم على السيد الرقيب بالكلمات الغاضبة والشموع المشتعلة وصندوق للمهملات أحضروه خصيصا ليقذفوا في جوفه المقصات في نهاية الاعتصام تعبيرا عن تخلصهم من الرقابة ولو من باب التمنيات والاحلام السعيدة.

امتلأ صندوق المهملات الأصفر بأنواع وأشكال كثيرة من المقصات الصغيرة الملونة في نهاية الاعتصام لكن التمنيات والاحلام السعيدة لم تتحقق، فقد عاد المثقفون في النهاية الى بيوتهم مخذولين ليس فقد من ذلك المقص الذي ظل يعمل بكل نشاط حاصدا الاخضر واليابس من الكتب ، بل من الجمهور ، والذي يفترض انهم القراء ، الذين بدا لهم امر الاعتصام وكأنه احدى عناصر الفرجة والمتعة في ذلك المعرض حاله حال عربات الذرة المشوية والفوشار والمرطبات التي تقف عند الباب وتنافس الناشرين في عدد المقبلين عليها …وتفوز في السباق!.

 

 

(جريدة الرياض/ 5 نوفمبر 2009م)

عن Saadiah

شاهد أيضاً

لوحة للفنان أسعد عرابي

هل سأنجو هذه المرّة أيضاً؟

سعدية مفرح/ تنقذني الكتابة، ولو مؤقتاً، من الغرق في لجة الكآبة ومجاهيل الاكتئاب. فمنذ أن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *