سألني زميل عربي يزور الكويت هذه الأيام عن ظاهرةٍ ثقافيةٍ كويتيةٍ لافتة، وهي كثرة الملتقيات الشبابية الثقافية التي تنتشر حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، وعمّا إذا كانت هذه الملتقيات ذات وجود حقيقي، أم أنها مجرّد منصّات افتراضية في فضاء الإنترنت وحسب.
أجبت الزميل بفرح إنها حقيقية فعلا، وأصبحت من مصادر الحراك الثقافي لدينا، على الرغم من سلبياتٍ لا يرى بعض المتشائمين سواها! وأتاح سؤال الزميل لي أن أراجع ملاحظاتي بشأنها، فأنا أتابع في السنوات الأخيرة حراكاً ثقافيا مميزا ونشطا في الكويت، يتمثل بظهور ملتقيات ثقافية بعناوين مثيرة كثيرة، حتى أصبحت أكتشف، كل أسبوع تقريبا، مجموعة جديدة تعلن عن نشاطها الثقافي باسم جديد. وعلى الرغم من أن معظم هذه الملتقيات أو المجموعات سرعان ما تختفي تحت وطأة بعض الظروف، إلا أن الظاهرة مستمرة، وآخذة في التنامي بشكل لافت فعلا.
قبل أيام، دعيت إلى افتتاح واحدة من هذه الملتقيات الجديدة، والتي غالبا ما تكون من شبان وشابات متطلعين في عوالم الكتابة، فسألت من دعاني عن السبب الذي جعلهم يفكرون في تأسيس ملتقاهم الجديد، بدلا من الانضمام لأحد الملتقيات القائمة، فقال لي إن معظمهم جرّب الانضمام لواحد او أكثر من تلك الملتقيات، وبعضهم ساهم في تأسيس بعضها، وأنهم اكتسبوا خبرةً كافيةً في إدارتها وتنظيم أنشطتها، ما جعلهم يفكرون في تأسيس ملتقاهم الجديد، بعدما اصطدمت رؤاهم بالرؤى السائدة في الملتقيات القديمة.
سبق أن سألت شبانا وشابات كثيرين يدعونني إلى افتتاحات ملتقياتهم السؤال نفسه، وغالبا ما كانت الإجابة نفسها.
لا أرى ضيرا أبدا من التجارب والانخراط فيها على هذا الصعيد، بل إنني أشجعها مهما كانت الأسباب الداعية إليها، فكل ملتقى جديد يفتح في الواقع آفاقا جديدة أمام الآخرين، لمزاولة الفعل الثقافي بالكتابة والقراءة والتفكير والنقاش الحر، وخصوصا أن كل تجربة تأتي، في البداية، محملة بحماسة القائمين عليها، والحالمين بقطف ثمارها. صحيح أن هناك أخطاء إجرائية كثيرة، تعاني منها تلك المجموعات الشبابية، وهي بصدد ممارسة أنشطتها في تلك الملتقيات، ما يعجّل غالبا في نهايتها، إلا أنها أخطاء منطقية ومتوقعة، ويقع فيها حتى القائمون على تأسيس منصّات ثقافية رسمية ذات ميزانيات كبيرة وتخطيطات مسبقة.
أما وأن الحديث عن جهود شبابية يبذلها شبان وشابات معظمهم على مقاعد الدراسة، في سبيل تحقيق أحلامهم في فضاء الإبداع، فهذا يجعلنا متفائلين حتى بأخطائهم، فمن يعمل باجتهادٍ، لا نتوقع منه دائما النجاح منذ المحاولة الأولى وبمنتهى الدقة، فمن الأخطاء ومحاولات التصدّي لها ومعالجتها نصل في النهاية إلى الإتقان. ومن الإتقان نستطيع إيجاد بيئات حاضنة للإبداع. وهذا ما رأيته قد تحقق بالفعل، في تجارب شبابية أصرّت على البقاء، على الرغم من كل ما اعترضها من عراقيل وصعوبات. أما ما اختفى منها، فأنا متأكدة أنه أدى دوره، وإنْ ناقصا، في المساهمة بإيجاد تلك البيئات أو على الأقل أبقى جذوة الحلم الإبداعي مشتعلةً في نفوس أولئك الشباب الذين فضلوا أن يراهنوا على الثقافة وعوالمها، باعتبارها بوابة لتحقيق الأحلام كلها..
قبل أيام، دعيت إلى افتتاح واحدة من هذه الملتقيات الجديدة، والتي غالبا ما تكون من شبان وشابات متطلعين في عوالم الكتابة، فسألت من دعاني عن السبب الذي جعلهم يفكرون في تأسيس ملتقاهم الجديد، بدلا من الانضمام لأحد الملتقيات القائمة، فقال لي إن معظمهم جرّب الانضمام لواحد او أكثر من تلك الملتقيات، وبعضهم ساهم في تأسيس بعضها، وأنهم اكتسبوا خبرةً كافيةً في إدارتها وتنظيم أنشطتها، ما جعلهم يفكرون في تأسيس ملتقاهم الجديد، بعدما اصطدمت رؤاهم بالرؤى السائدة في الملتقيات القديمة.
سبق أن سألت شبانا وشابات كثيرين يدعونني إلى افتتاحات ملتقياتهم السؤال نفسه، وغالبا ما كانت الإجابة نفسها.
لا أرى ضيرا أبدا من التجارب والانخراط فيها على هذا الصعيد، بل إنني أشجعها مهما كانت الأسباب الداعية إليها، فكل ملتقى جديد يفتح في الواقع آفاقا جديدة أمام الآخرين، لمزاولة الفعل الثقافي بالكتابة والقراءة والتفكير والنقاش الحر، وخصوصا أن كل تجربة تأتي، في البداية، محملة بحماسة القائمين عليها، والحالمين بقطف ثمارها. صحيح أن هناك أخطاء إجرائية كثيرة، تعاني منها تلك المجموعات الشبابية، وهي بصدد ممارسة أنشطتها في تلك الملتقيات، ما يعجّل غالبا في نهايتها، إلا أنها أخطاء منطقية ومتوقعة، ويقع فيها حتى القائمون على تأسيس منصّات ثقافية رسمية ذات ميزانيات كبيرة وتخطيطات مسبقة.
أما وأن الحديث عن جهود شبابية يبذلها شبان وشابات معظمهم على مقاعد الدراسة، في سبيل تحقيق أحلامهم في فضاء الإبداع، فهذا يجعلنا متفائلين حتى بأخطائهم، فمن يعمل باجتهادٍ، لا نتوقع منه دائما النجاح منذ المحاولة الأولى وبمنتهى الدقة، فمن الأخطاء ومحاولات التصدّي لها ومعالجتها نصل في النهاية إلى الإتقان. ومن الإتقان نستطيع إيجاد بيئات حاضنة للإبداع. وهذا ما رأيته قد تحقق بالفعل، في تجارب شبابية أصرّت على البقاء، على الرغم من كل ما اعترضها من عراقيل وصعوبات. أما ما اختفى منها، فأنا متأكدة أنه أدى دوره، وإنْ ناقصا، في المساهمة بإيجاد تلك البيئات أو على الأقل أبقى جذوة الحلم الإبداعي مشتعلةً في نفوس أولئك الشباب الذين فضلوا أن يراهنوا على الثقافة وعوالمها، باعتبارها بوابة لتحقيق الأحلام كلها..
(العربي الجديد 14 نوفمبر 2019)