أي الخيارات أجدى؟ أيها أكثر إلحاحا؟ كيف نستطيع أن نضع أصبعنا على الخيار الأفضل بالنسبة لنا في اللحظة المناسبة والتي غالبا ما تكون لحظتنا الحاسمة والتاريخية؟ قبل أيام، كنت في حوار في زميل عن خياراتنا في الحياة، وكيف نختار المهم منها لنقرّر ماذا نفعل بشأنه. عن أصعب خيار وجدنا أنفسنا بمواجهته ذات يوم، وعن أصعب قرار كان علينا أن نتخذه. استمر الحوار طويلا، قبل أن أكتشف أني أواجه صعوبة حقيقية في تحديد خيارات حياتي وقراراتها الصعبة. بعد قليل من التفكير، وجدت أن الصعوبة أن هذه المسائل تبدو نسبية على مدى أعمارنا، فما كان نراه صعبا في مرحلة من مراحل حياتنا مرت عليه سنوات كثيرة حتى أصبحنا نتذكّره وكأنه مجرد نكتة.
تذكّرت، بعد انتهاء حديثي مع الزميل، خيارات كثيرة في حياتي، منذ اختيار تخصصي في المرحلة الجامعية على الأقل، وفي كل خيارات حقيقية أواجهها كي أنحاز لواحد منها كنت أظن أنها الأخطر والأهم في حياتي كلها لاكتشف لاحقا أنها ليست كذلك أبدا، وأن حياتي لم تكن لتتغير، لو أنني، بشكل جذري، وضعت إصبعي على خيار مختلف يومها.
الحياة أبسط بكثير مما نعتقده، ونحن ننغمس بكل تفاصيلها، وربما التقدّم في العمر وهو ما يتيح لنا رؤيتها على هذا النحو، فيمنحنا ما نحتاج إليه من سلام، كي نكمل ما يكتبه الله لنا من بقية في العمر. هذا يعني أنني تقدمت في العمر كثيرا لكي أصل أخيرا، وبعد نقاشات نفسية متناقضة النتائج مع ذاتي، إلى هذه الحقيقة البسيطة، والتي أرتاح جدا وأنا أسميها حقيقة ربما لكي أضع نقطة النهاية بعدها.
ليس الوصول إلى هذه الحقيقة مهما بقدر أهمية طريقتنا في الوصول إليها. فعلى سبيل المثال الشخصي جدا، أرى أن كل كلمة كتبتها أو سمعتها أو قرأتها، أو رأيتها مجسدة على شكل ما، في حياتي كلها، كانت تفتح لي فجوة صغيرة في الجدار الفاصل بيني وبينها، وعلى الرغم من أن الكلمات لم تنته بعد، إلا أن الفجوة أصبحت متسعة جدا، لكي أرى المشهد شبه كامل وراءها. لست بحاجة ملحةٍ الآن لانتظار لحظة انهيار ذلك الجدار الفاصل بيني وبينها، والذي سينهار في النهاية حتما، لكنني على يقين مريح بأن عليّ أن أستمر في رحلتي مع الكلمات؛ قراءة وكتابة وسمعا ورؤية، ففي البدء فعلا كانت الكلمة وبعدها فقط نهضت الحياة.. وقودها الناس والكلمات.
في نهاية حواري مع الزميل الذي يصغرني عمرا، ويفوقني تجربة في التعامل مع كل مفردات الحياة علما وعملا كما بدا لي، قال كمن يلخص تجربته الحافلة: “لا يندم المرء وهو على فراش الموت على قراراتٍ اتخذها في حياته، وإنما يندم، إن أتيح له ذلك، على قرار أو قرارات لم يتخذها”.
دعوة واضحة إلى الانغماس بكل التجارب المتاحة، وعدم الخوف من الخطأ في اختيار القرار المناسب في اللحظة المناسبة، فمعظم القرارات، الصعبة والسهلة، ومعظم الخيارات المتاحة وغير المتاحة، في النهاية، ستبدو متشابهة إلى حد كبير، في مقابل مساحة من السلام نحتاجها ونحن نمضي إلى النهاية.
الحياة أبسط بكثير مما نعتقده، ونحن ننغمس بكل تفاصيلها، وربما التقدّم في العمر وهو ما يتيح لنا رؤيتها على هذا النحو، فيمنحنا ما نحتاج إليه من سلام، كي نكمل ما يكتبه الله لنا من بقية في العمر. هذا يعني أنني تقدمت في العمر كثيرا لكي أصل أخيرا، وبعد نقاشات نفسية متناقضة النتائج مع ذاتي، إلى هذه الحقيقة البسيطة، والتي أرتاح جدا وأنا أسميها حقيقة ربما لكي أضع نقطة النهاية بعدها.
ليس الوصول إلى هذه الحقيقة مهما بقدر أهمية طريقتنا في الوصول إليها. فعلى سبيل المثال الشخصي جدا، أرى أن كل كلمة كتبتها أو سمعتها أو قرأتها، أو رأيتها مجسدة على شكل ما، في حياتي كلها، كانت تفتح لي فجوة صغيرة في الجدار الفاصل بيني وبينها، وعلى الرغم من أن الكلمات لم تنته بعد، إلا أن الفجوة أصبحت متسعة جدا، لكي أرى المشهد شبه كامل وراءها. لست بحاجة ملحةٍ الآن لانتظار لحظة انهيار ذلك الجدار الفاصل بيني وبينها، والذي سينهار في النهاية حتما، لكنني على يقين مريح بأن عليّ أن أستمر في رحلتي مع الكلمات؛ قراءة وكتابة وسمعا ورؤية، ففي البدء فعلا كانت الكلمة وبعدها فقط نهضت الحياة.. وقودها الناس والكلمات.
في نهاية حواري مع الزميل الذي يصغرني عمرا، ويفوقني تجربة في التعامل مع كل مفردات الحياة علما وعملا كما بدا لي، قال كمن يلخص تجربته الحافلة: “لا يندم المرء وهو على فراش الموت على قراراتٍ اتخذها في حياته، وإنما يندم، إن أتيح له ذلك، على قرار أو قرارات لم يتخذها”.
دعوة واضحة إلى الانغماس بكل التجارب المتاحة، وعدم الخوف من الخطأ في اختيار القرار المناسب في اللحظة المناسبة، فمعظم القرارات، الصعبة والسهلة، ومعظم الخيارات المتاحة وغير المتاحة، في النهاية، ستبدو متشابهة إلى حد كبير، في مقابل مساحة من السلام نحتاجها ونحن نمضي إلى النهاية.
(العربي الجديد/ 21 نوفمبر 2019)