أحمد ناصر السميط/
في هذه الحياة يعيش الكثير من الناس جل أعمارهم لأجل غيرهم!! والأدهى والأمر حين يعيشون لأجل أناس لا يبادلونهم المشاعر لا بل يقضون حياتهم بالتصيد والبحث عن زلاتهم، فتجد من همه إرضاء الناس خاضع لابتزاز من يعمل الليل والنهار ليحط من قدره، أو يفضح خلله، ولا يسعى في خير هذا الإنسان الذي رضي أن يكون صنيعة الآخرين، فهو كما يقول المثل الشعبي ((عومة”نوع من السمك” مأكولة ومذمومة)).
وقفت على مشهد مأساوي في احدى مؤسسات العمل التطوعي في يوم ما فرأيت مجموعة من الشباب ممن يبذل وقته وجهده في سبيل تلك المؤسسة، وكانت هذه المجموعة المميزة أشبه بفرقة تدخل سريع لصالح إدارة المؤسسة، فهم رجال المهمات الصعبة في الكثير من الأحيان، ومع ذلك قابل هذا الفريق مجموعة لا تمثل أي اسهام على الأرض إلا القليل الذي يرفع الحرج، بل أن الفريق الثاني شوهد بمواقف مختلفة وهو معارض لسياسات العمل في بعض ممارساتهم، وفي إطار هذه الصورة المتشابكة للفريق العامل انتهى الأمر بمن بذل جهد وقته وطاقته بأن تم اقصائه وابعاده، أما المجموعة المتحفظة فكان لها نصيب من الترقيات الإدارية، والتقديم الاجتماعي والحضور الإعلامي!! فبات العامل هو صاحب الرصيد من السيئات قبل الحسنات، أما الخامل فهو الثقة الذي ممكن أن نتعامل معه، بصورة مقلوبة للأسف عن الحقيقة.
هذا النمط في بعض المؤسسات والعلاقات منتشر، ودائماً ينظر للعامل المثابر بأنه صاحب الطموح الذي يجب أن يعصر ولكن إذا ما أطل برأسه وجب أن يكسر، وفي الوسط الاجتماعي ينظر له أنه متزلف ومتصنع فتلمع عيوبه وينال من قدره، وهنا تأتي المفارقة فأحدهم يدرك حقيقة وضعه في سياق المشهد فيعمل على إعادة تحديد العلاقة وتوجيه الطاقة وهذا اللبيب الذي يستفيد من تجاربه، أما الآخر فهو الذي يخضع لهم فحقوقه تسلب دون أن يرف له جفن، وقدره يحط فيتقبل ذلك بحجج يختلقها مثل المودة والصحبة فينتهي به المصير بعد سلسلة الابتزاز النفسي تلك أن تضفى عليه الصفات الذميمة وتهون عليه نفسه ويكون بتصرفه هذا أدنى الناس لأنه قبل أن يكون صنيعتهم.
في نهاية المطاف علينا في مراحل متفرقة من حياتنا أن نعيد تقدير المواقف التي عشناها، وأن نعيد تقييم قراراتنا نتيجة تلك المواقف، ولا يجب أن نخضع للآخرين وتقييماتهم أحادية الجانب بحقنا، ولكن علينا أن نتفاعل مع المحيط ولا نعيش في سبيله، لأننا نحن بذواتنا ولسنا بما يفتريه الآخرين حولنا، والحياة فرصة للمغالبة الحقة في سبيل أن ننال حقوقنا كاملة غير منقوصة، ولكن من السذاجة أن تتبدد أعمارنا في معارك وهمية ونتائجها غير صادقة.
ودمتم بود