على الرغم من شغفي الكبير بكرة القدم وعوالمها، وحرصي على تتبع بعض الأخبار المتعلقة بنجومها، إلا أنني لم أكن قد سمعت باسم لاعب كرة القدم المصري، عمرو وردة، قبل أخبار حوادث التحرّش التي أقدم عليها واعترف بها، بعد أن فضحته بعض ضحاياه من الفتيات داخل ومصر وخارجها. لقد حققت له جريمة (أو جرائم!) التحرّش التي أقدم عليها في السنوات الأخيرة، بعد فضحها على الملأ، نجوميةً طارئةً تفوق نجوميته التي حصل عليها من براعته في لعب الكرة. والغريب أن هذه النجومية التي بدأت في الساعات الأولى، بعد انتشار أخبار فضائحه في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل سلبي هدّد وجوده لاعبا أساسيا في منتخب بلاده، سرعان ما تحولت إلى نجومية إيجابية مع موجةٍ من التعاطف الشديد معه، في مقابل تنمّر جماهيري كبير ضد ضحاياه.
عبّر كثيرون عن هذا التعاطف الغريب فعلا في مدرجات الجماهير في المباريات التي خاضها المنتخب المصري ضمن بطولة الأمم الأفريقية المقامة حاليا في مصر، وعبر منصّات التواصل الاجتماعي، برفع صوره مرفقةً بعبارات تشجيعٍ له، لم يكن ليتحصل عليها وهو مجرّد لاعب (غير متحرّش أو غير معلن تحرشه) في السابق.
الغريب أن ردود فعل كثيرة مدافعة عن اللاعب الذي اعترف بما أقدم عليه تجاوزت حدود التسامح المنبثق من باب الغفران العفوي، والمبني على أن إقدامه على التحرّش ببعض الفتيات مجرد غلطة بسيطة لشاب في مقتبل العمر، وأننا كلنا معرّضون للوقوع في فخ أغلاط مشابهة، في فترة من حياتنا، سرعان ما نندم عليها، وتحوّلت من حالة الدفاع الهستيري عنه، حتى قبل أن يضطر للاعتذار (ليس للفتيات المتحرّش بهن ولا للجماهير، بل لاتحاد الكرة، ولزملائه في المنتخب!)، باستخدام الأسلحة المختلفة، إلى حالةٍ من الهجوم والتنمّر المضاد على كل من أبدى استياءه من فعلةٍ أو أفعال لاعبٍ يفترض أن يكون قدوة لغيره من الشباب والمراهقين.
الأغرب من ذلك كله أن مدافعين كثيرين عنه هم من النساء، حتى أنني قرأت تغريدات كثيرة ملأت الوسم (الهاشتاغ) الخاص بالواقعة تتغزّل فيها فتياتٌ باللاعب المتحرّش مصحوبة بصور جميلة له، وهذا ما لم أستطع لا تقبله، ولا تفسيره، ولا معرفة دوافعه، حتى بتفعيل متلازمة استوكهولم النفسية الشهيرة، فالنساء هنا كفئة لم تقع عليها حالة التحرّش جماعيا مثلا، ولكنها فئة مستهدفة بتلك الحالة من الرجال غالبا، حتى لو سلمنا ببعض الحالات المعكوسة، كأن تقدم بعض النساء على التحرّش بالرجال، فهذه حالاتٌ قليلة تصل إلى حد الندرة، ولا يمكن النظر إليها باعتبارها ظاهرة حتى الآن. إذاً، ما الذي يدفع فئة مستهدفة بجريمة مؤذية جدا نفسيا وجسديا للدفاع عن المجرم أو المجرمين الحقيقيين أو المحتملين؟
الأسوأ من ذلك كله هو الدفاع الذي استخدم الدين لتبرئة المجرم، فتفنن أصحاب هذا الدفاع بالبحث عن آيات قرآنية وأحاديث نبوية ومقولات تراثية للصحابة والتابعين والأولياء وعلماء الدين، يمكن أن يفهم منها عند وضعها في سياقاتٍ لغويةٍ معينةٍ أنها تبرّر للمتحرش سلوكه، بل وتشجع عليه. وهذا من أخطر أنواع الدفاعات، وأكثرها تزييفا للوعي، ولعلي لا أبالغ إن رأيت أصحابها أكثر إجراما ممن يدافعون عنه من المجرمين.
الغريب أن ردود فعل كثيرة مدافعة عن اللاعب الذي اعترف بما أقدم عليه تجاوزت حدود التسامح المنبثق من باب الغفران العفوي، والمبني على أن إقدامه على التحرّش ببعض الفتيات مجرد غلطة بسيطة لشاب في مقتبل العمر، وأننا كلنا معرّضون للوقوع في فخ أغلاط مشابهة، في فترة من حياتنا، سرعان ما نندم عليها، وتحوّلت من حالة الدفاع الهستيري عنه، حتى قبل أن يضطر للاعتذار (ليس للفتيات المتحرّش بهن ولا للجماهير، بل لاتحاد الكرة، ولزملائه في المنتخب!)، باستخدام الأسلحة المختلفة، إلى حالةٍ من الهجوم والتنمّر المضاد على كل من أبدى استياءه من فعلةٍ أو أفعال لاعبٍ يفترض أن يكون قدوة لغيره من الشباب والمراهقين.
الأغرب من ذلك كله أن مدافعين كثيرين عنه هم من النساء، حتى أنني قرأت تغريدات كثيرة ملأت الوسم (الهاشتاغ) الخاص بالواقعة تتغزّل فيها فتياتٌ باللاعب المتحرّش مصحوبة بصور جميلة له، وهذا ما لم أستطع لا تقبله، ولا تفسيره، ولا معرفة دوافعه، حتى بتفعيل متلازمة استوكهولم النفسية الشهيرة، فالنساء هنا كفئة لم تقع عليها حالة التحرّش جماعيا مثلا، ولكنها فئة مستهدفة بتلك الحالة من الرجال غالبا، حتى لو سلمنا ببعض الحالات المعكوسة، كأن تقدم بعض النساء على التحرّش بالرجال، فهذه حالاتٌ قليلة تصل إلى حد الندرة، ولا يمكن النظر إليها باعتبارها ظاهرة حتى الآن. إذاً، ما الذي يدفع فئة مستهدفة بجريمة مؤذية جدا نفسيا وجسديا للدفاع عن المجرم أو المجرمين الحقيقيين أو المحتملين؟
الأسوأ من ذلك كله هو الدفاع الذي استخدم الدين لتبرئة المجرم، فتفنن أصحاب هذا الدفاع بالبحث عن آيات قرآنية وأحاديث نبوية ومقولات تراثية للصحابة والتابعين والأولياء وعلماء الدين، يمكن أن يفهم منها عند وضعها في سياقاتٍ لغويةٍ معينةٍ أنها تبرّر للمتحرش سلوكه، بل وتشجع عليه. وهذا من أخطر أنواع الدفاعات، وأكثرها تزييفا للوعي، ولعلي لا أبالغ إن رأيت أصحابها أكثر إجراما ممن يدافعون عنه من المجرمين.